وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ ﴾
بعد أن ذكر الحق سبحانه بعض الآيات الكونية البعيدة عنا أراد سبحانه أنْ يعطينا نموذجاً آخر للآيات التي بيْن أيدينا في الأرض فقال تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر بِنِعْمَةِ الله.. ﴾ [ لقمان : ٣١ ] ألم تر : يعني ألم تعلم ﴿ أَنَّ الفلك.. ﴾ [ لقمان : ٣١ ] أي : السفن.
وربما أن سيدنا رسول الله لم يَرَ هذه السفن في البحار، ولم تكن قد ظهرت السفن العملاقة التي نراها اليوم كالأعلام، كما في قوله سبحانه :﴿ وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام ﴾ [ الرحمن : ٢٤ ]
ومتى وُجِدت البوارج العالية التي تشبه الجبال والمكوَّنة من عدة أدوار. لم توجد إلا حديثاً، إذن : فهذا مظهر من مظاهر إعجاز القرآن، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ [ الزخرف : ٣٣ ]
ومَنْ يبحث في القرآن يجد فيه الكثير من هذه الآيات التي تثبت صِدْق القرآن وصِدْق رسول الله في البلاغ عن الله.
وذكرنا قصة المرأة التي أسلمت لما قرأت التاريخ الإسلامي، وقرأت في سيرة رسول الله أن المؤمنين به كانوا يجعلون عليه حراسة دائمة يتبادلونها حماية له من أعدائه، وفجأة صرف رسول الله هؤلاء الحرس من حوله وقال لهم لقد أنزل الله عليَّ ﴿ والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس... ﴾ [ المائدة : ٦٧ ] فوقفت المرأة عند هذه الآية وقالت : والله لو أن هذا الرجل كان يخدع الناس جميعاً ما خدع نفسه في حياته.
وقلنا في معنى ﴿ أَلَمْ تَرَ.. ﴾ [ لقمان : ٣١ ] أنها بمعنى ألم تعلم، لأن إعلام الله لك أوثق من رؤية عينيك.


الصفحة التالية
Icon