﴿إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾ [ يس : ٨٢ ] وعلم من ذلك نفاد الأبحر كلها لأنها محصورة، فهي لا تفي بما ليس بمحصور، فيا لها من عظمة لا تتناهى! ومن كبرياء لا تجارى، ولا تضاهى، لا جرم كان نتيجة ذلك قوله مؤكداً لأن ادعاءهم الشريك إنكار للعزة، وعدم البعث إنكار للحكمة :﴿إن الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً من غير قيد أصلاً ﴿عزيز﴾ أي يعجز كل شيء ولا يعجزه شيء ﴿حكيم﴾ يحكم ما أراده، فلا يقدر أحد على نقضه، ولا علم لأحد من خلقه إلا ما علمه، ولا حكمة لأحد منهم إلا بمقدار ما أورثه، وقد علم أن الآية من الاحتباك : ذكر الأقلام دليلاً على حذف مدادها، وذكر السبعة في مبالغة الأبحر دليلاً على حذفها في الأشجار، وهو من عظيم هذا الفن، وعلم أيضاً من السياق أن المراد بالسبعة المبالغة في الكثرة لا حقيقتها، وأن المراد بجمع القلة في " أبحر " الكثرة، لقرينة المبالغة، وبجمع القلة في ﴿كلمات﴾ حقيقتها لينتظم المعنى، وكل ذلك سائغ شائع في لغة العرب.


الصفحة التالية
Icon