يقول بعض المفسرين إن الله تعالى نفى علم أمور خمسة بهذه الآية عن غيره وهو كذلك لكن المقصود ليس ذلك، لأن الله يعلم الجوهر الفرد الذي كان في كثيب رمل في زمان الطوفان ونقله الريح من المشرق إلى المغرب كم مرة، ويعلم أنه أين هو ولا يعلمه غيره، ولأن يعلم أنه يوجد بعد هذه السنين ذرة في برية لا يسلكها أحد ولا يعلمه غيره، فلا وجه لاختصاص هذه الأشياء بالذكر وإنما الحق فيه أن نقول لما قال الله :﴿اخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ﴾ وذكر أنه كائن بقوله :﴿إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ كأن قائلاً قال فمتى يكون هذا اليوم فأجيب بأن هذا العلم ما لم يحصل لغير الله ولكن هو كائن، ثم ذكر الدليلين الذين ذكرناهما مراراً على البعث أحدهما : إحياء الأرض بعد موتها كما قال تعالى :﴿وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مّن قَلْبَهُ لَمُبْلِسِينَ * فانظر إلى ءاثار رَحْمَةِ الله كَيْفَ يُحْىِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْىِ الموتى﴾ [ الروم : ٤٩، ٥٠ ] وقال تعالى :﴿وَيُحْىِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [ الروم : ١٩ ] وقال ههنا يا أيها السائل إنك لا تعلم وقتها ولكنها كائنة والله قادر عليها كما هو قادر على إحياء الأرض حيث قال ﴿وَهُوَ الذى يُنَزّلُ الغيث﴾ [ الشورى : ٢٨ ] وقال :﴿ويحيي الأرض﴾ [ الروم : ١٩ ] وثانيهما : الخلق ابتداء كما قال :﴿وَهُوَ الذى الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ [ الروم : ٢٧ ] وقال تعالى :﴿قُلْ سِيرُواْ فِى الأرض فانظروا كَيْفَ بَدَأَ الخلق ثُمَّ الله يُنشِىء النشأة الأخرة﴾ [ العنكبوت : ٢٠ ] إلى غير ذلك فقال ههنا ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِى الأرحام﴾ إشارة إلى أن الساعة وإن كنت لا تعلمها لكنها كائنة والله قادر عليها، وكما هو قادر على الخلق في الأرحام كذلك يقدر على الخلق من الرخام، ثم قال لذلك الطالب علمه : يا أيها السائل إنك تسأل عن