قال ابن عباس هذا في الفترة التي بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ولا حجة في هذه الآية على عدم عموم رسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أو أنها قاصرة على العرب لعدم وجود حجة القصر، والآيات في التعميم كثيرة، إلا أنه لما كانت الأمم غير العرب تتهافت عليها الرسل واحدا بعد واحد - كما مر في الآية ٤٤ من سورة المؤمنين المارة - دون العرب، قال تعالى (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ) الآية، ولأنهم أمّيّون ولا كتاب لديهم يقتدون بما فيه من أمور دينهم، بخلاف اليهود والنصارى فإنهما بعد انقطاع الرسل عنهم ملزمون باتباع شرائع من قبلهم ورسلهم الذين كانوا يدعونهم بمقتضاها، إذ أن دعوتهم منحصرة بهم، وقد جاء في الإنجيل على لسان عيسى عليه السلام (إني حقا أرسلت إلى بني إسرائيل) وفي نسخة (إلى خراف إسرائيل) فثبت من هذا أن العرب لم تدعهم إلى اللّه رسل بني إسرائيل، ولما كان كل نبي تنقطع أحكام نبوته بعد موته إلا محمدا صلّى اللّه عليه وسلم لأنه خاتم النبيين والمرسلين ورسالته عامة إلى الخلق كافة، وكانت ذرية كل نبي ملزمة باتباع شريعته، كان على قريش أن تلتزم شريعة إسماعيل عليه السلام كما كان أوائلهم متمسكين بها، إلا أنه فشت فيهم عبادة الأوثان التي أحدثها عمرو الخزاعي وعكفوا عليها إلا ما ندر منهم كزيد بن عمرو بن نوفل العدوي والد سعيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد عاصر النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وقالوا إنه آمن به
قبل بعثته وقد مات إبان بناء الكعبة عام ٢٥ من ولادته صلّى اللّه عليه وسلم الواقعة عام الفيل سنة ٥٧٠ من ولادة عيسى عليه السلام، وكان يعيب على قريش ذبحهم لغير اللّه، وقس بن ساعدة الإيادي كان مؤمنا باللّه وعاصر حضرة الرسول أيضا، وتوفي أوائل البعثة الشريفة، وخالد ابن سنان العيسي كذلك كان مؤمنا.


الصفحة التالية
Icon