وقرأ أيضا بالصاد مفتوحة اللام الحسن، بخلاف.
قال أبو الفتح : صَلَّ اللحمُّ يَصِلُّ : إذا أنتنَ. وصَلَّ أيضا يَصَلُّ - بفتح الصاد - والكسر في المضارع أقوى اللغتين. والمعنى : إذا دُفِنّا في الأرض، وصلت أجسامنا، يقال : صل اللحم وأصل صلولا وصلالا، قال :
هُو الفَتَى كُلُّ الفَتَى فاعلمي لا يفسِدُ اللحمَّ لديِهِ الصلُولُ١
وقال زهير :
تُلَجلِجُ مضغةً فيها أبيض أصلتْ فهي تحتَ الكشْحِ داءُ٢
ومن ذلك قراءة النبي ﷺ وأبي هريرة وأبي الدرداء وابن مسعود وعون العقيلي٣ "قُرَّات أَعْيُنٍ"٤.
قال أبو الفتح : القرة المصدر، وكان قياسه ألا يجمع ؛ لأن المصدر اسم جنس، والأجناس أبعد شيء عن الجمعية لاستحالة المعنى في ذلك، لكن جعلت القرة هنا نوعا. فجاز جمعها كما تقول : نحن في أشغال، وبيننا حروب، وهناك أحزان وأمراض. وحسَّن لفظ الجمع هنا أيضا إضافة "القرات" إلى لفظ الجماعة، أعني "الأعين". فقولنا إذًا : أشغال القوم أشبه لفظا من أشغال زيد، وكلاهما صحيح، غير أن فيه ما ذكرته. وليس ينبغي أن يحتقر في هذه اللغة الشريفة تجانس الألفاظ ؛ فإن أكثرها دائر عليه في أكثر الوقت.

١ البيت للحطيئة، وروي الشطر الأول.
ذاك فَتًى يبذُلُ ذا قدره
انظر اللسان "صلى".
٢ من قصيدة في هجاء بني عليم، وكان نزل فيهم رجل من بني عبد الله بن غطفان فأكرموه وأحسنوا جوراه، وكان رجلا مولعا بالقمار : فنهوه عنه فأبى، فقمر مرة، فردوا عليه، ثم قمر أخرى فردوا عليه، ثم قمر الثالثة فلم يردوا عليه، فرحل عنهم وشكا إلى زهير، فهجاهم.
والأنيض : اللحم الذي لم ينضج. يقول : أخذت هذا المال كما يلجلج الرجل المضغة فلا يبتعلها ولا يلقيها، فإن حبسته فقد انطويت على داء. وانظر الديوان : ٨٢ وما بعدها.
٣ كان له اختيار في القراءة، أخذ القراءة عرضا على نصر بن عاصم، وروى القراءة عنه المعلى.
٤ سورة السجدة : ١٧.


الصفحة التالية
Icon