فصل
قال الفخر :
﴿ الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) ﴾
لما ذكر الله تعالى في السورة المتقدمة دليل الوحدانية وذكر الأصل وهو الحشر وختم السورة بهما بدأ ببيان الرسالة في هذه السورة فقال :﴿الم * تَنزِيلُ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ وقد علم ما في قوله :﴿الم﴾ وفي قوله :﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ من سورة البقرة وغيرها غير أن ههنا قال :﴿مِن رَّبّ العالمين﴾ وقال من قبل ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لّلْمُحْسِنِينَ﴾ [ لقمان : ٣ ] وقال في البقرة ( ٢ ) :﴿هُدًى لّلْمُتَّقِينَ﴾ وذلك لأن من يرى كتاباً عند غيره، فأول ما تصير النفس طالبة تطلب ما في الكتاب فيقول ما هذا الكتاب ؟ فإذا قيل هذا فقه أو تفسير فيقول بعد ذلك تصنيف من هو ؟ ولا يقال أولا : هذا الكتاب تصنيف من ؟ ثم يقول فيماذا هو ؟ إذا علم هذا فقال أولا هذا الكتاب هدى ورحمة، ثم قال ههنا هو كتاب الله تعالى وذكره بلفظ رب العالمين لأن كتاب من يكون رب العالمين يكون فيه عجائب العالمين فتدعو النفس إلى مطاعته.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)
يعني أتعترفون به أم تقولون هو مفترى، ثم أجاب وبين أن الحق أنه حق من ربه ثم بين فائدة التنزيل وهو الإنذار، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :