لم قدم السمع ههنا والقلب في قوله تعالى :﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ وعلى سَمْعِهِمْ﴾ [ البقرة : ٧ ] فنقول ذلك يحقق ما ذكرنا، وذلك لأن عند الإعطاء ذكر الأدنى وارتقى إلى الأعلى فقال أعطاكم السمع ثم أعطاكم ما هو أشرف منه وهو القلب وعند السلب قال ليس لهم قلب يدركون به ولا ما هو دونه وهو السمع الذي يسمعون به ممن له قلب يفهم الحقائق ويستخرجها، وقد ذكرنا هناك ما هو السبب في تأخير الأبصار مع أنها في الوسط فيما ذكرنا من الترتيب وهو أن القلب والسمع سلب قوتهما بالطبع فجمع بينهما وسلب قوة البصر بجعل الغشاوة عليه فذكرها متأخرة.
وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (١٠)
لما قال :﴿قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾ [ السجدة : ٩ ] بين عدم شكرهم بإتيانهم بضده وهو الكفر وإنكار قدرته على إحياء الموتى وقد ذكرنا أن الله تعالى، في كلامه القديم، كلما ذكر أصلين من الأصول الثلاثة لم يترك الأصل الثالث وههنا كذلك لما ذكر الرسالة بقوله :﴿تَنزِيلُ الكتاب﴾ إلى قوله :﴿لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أتاهم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ﴾ [ السجدة : ٢، ٣ ] الوحدانية بقوله :﴿الله الذى خَلَقَ﴾ إلى قوله :﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار﴾ [ السجدة : ٤، ٩ ] ذكر الأصل الثالث وهو الحشر بقوله تعالى :﴿وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِى الأرض﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
الواو للعطف على ما سبق منهم فإنهم قالوا محمد ليس برسول والله ليس بواحد وقالوا الحشر ليس بممكن.
المسألة الثانية :