باطل بالإجماع، وإن كان يرى فيرى في مكان أحاط به فتدركه الأبصار.
وأما إذا لم يكن في مكان فسواء يرى أو لا يرى لا يلزم أن تدركه الأبصار.
أما إذا لم ير فظاهر.
وأما إذا رؤي فلأن البصر لا يحيط به فلا يدركه.
وإنما قلنا إن البصر لا يحيط به لأن كل ما أحاط به البصر فله مكان يكون فيه وقد فرضنا عدم المكان، ولو تدبر الإنسان القرآن لوجده مملوءاً من عدم جواز كونه في مكان، كيف وهذا الذي يتمسك به هذا القائل يدل على أنه ليس على العرش بمعنى كونه في المكان، وذلك لأن كلمة ثم للتراخي فلو كان عليه بمعنى المكان لكان قد حصل عليه بعد ما لم يكن عليه فقبله إما أن يكون في مكان أو لا يكون، فإن كان يلزم محالان أحدهما : كون المكان أزلياً، ثم إن هذا القائل يدعى مضادة الفلسفي فيصير فلسفياً يقول بقدم سماء من السموات والثاني : جواز الحركة والانتقال على الله تعالى وهو يفضي إلى حدوث الباري أو يبطل دلائل حدوث الأجسام، وإن لم يكن مكان وما حصل في مكان يحيل العقل وجوده بلا مكان، ولو جاز لما أمكن أن يقال بأن الجسم لو كان أزلياً، فإما أن يكون في الأزل ساكناً أو متحركاً لأنهما فرعا الحصول في مكان، وإذا كان كذلك فيلزمه القول بحدوث الله أو عدم القول بحدوث العالم، لأنه إن سلم أنه قبل المكان لا يكون فهو القول بحدوث الله تعالى وإن لم يسلم فيجوز أن يكون الجسم في الأزل لم يكن في مكان ثم حصل في مكان فلا يتم دليله في حدوث العالم، فيلزمه أن لا يقول بحدوثه، ثم إن هذا القائل يقول إنك تشبه الله بالمعدوم فإنه ليس في مكان ولا يعلم أنه جعله معدوماً حيث أحوجه إلى مكان، وكل محتاج نظراً إلى عدم ما يحتاج إليه معدوم ولو كتبنا ما فيها لطال الكلام.


الصفحة التالية
Icon