وقيل : الكتاب التوراة وضمير ﴿ لّقَائِهِ ﴾ عائد إليه من غير تقدير مضاف ولا ارتكاب استخدام، ولقاء مصدر مضاف إلى مفعوله وفاعله موسى أي من لقاء موسى الكتاب أو مضاف إلى فاعله ومفعوله موسى أي من لقاء الكتاب موسى ووصوله إليه، فالفاء مثلها في قوله :
ليس الجمال بمئزر...
فاعلم وان رديت برداً
دخلت على الجملة المعترضة بدل الواو اهتماماً بشأنها، وعن الحسن أن ضمير ﴿ لّقَائِهِ ﴾ عائد على ما تضمنه الكلام من الشدة والمحنة التي لقي موسى عليه السلام فكأنه قيل : ولقد آتينا موسى هذا العبء الذي أنت بسبيله فلا تمتر أنك تلقى ما لقى هو من الشدة والمحنة بالناس، والجملة اعتراضية ولا يخفى بعده، وأبعد منه بمراحل ما قيل : الضمير لملك الموت الذي تقدم ذكره والجملة اعتراضية أيضاً، بل ينبغي أن يجل كلام الله تعالى عن مثل هذا التخريج.
وأخرج الطبراني.
وابن مردويه.
والضياء في المختارة بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال في الآية : أي من لقاء موسى.
وأخرج ابن المنذر.
وغيره عن مجاهد نحوه، وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أنه قال كذلك فقيل له : أو لقي عليه الصلاة والسلام؟ قال : نعم ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا ﴾ [ الزخرف : ٥ ٤ ] وأراد بذلك لقاءه ﷺ إياه ليلة الإسراء كما ذكر في الصحيحين.
وغيرهما، وروي نحو ذلك عن قتادة.
وجماعة من السلف، وقاله المبردحين امتحن الزجاج بهذه الآية، وكأن المراد من قوله تعالى :{ فلا تكن في مرية من لقائه" على هذا وعده تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بلقاء موسى وتكون الآية نازلة قبل الإسراء، والجملة اعتراضية بالفاء بدل الواو كما سمعت آنفاً.