وفي "التأويلات النجمية" :﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ عن مضاجع الدارين وتتباعد قلوبهم عن مضاجعات الأحوال فلا يساكنون أعمالهم ولا يلاحظون أحوالهم ويفارقون مآلفهم ويهجرون في الله معارفهم يدعون ربهم بربهم لربهم خوفاً من القطيعة والإبعاد ﴿وَطَمَعًا﴾ في القربات والمواصلات ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ من نعمة الوجود ﴿يُنفِقُونَ﴾ ببذل المجهود في طلب المفقود وليردّ إليهم بالجود ما أخفي لهم من النقود كما قال تعالى :﴿فَلا تَعْلَمُ﴾ الخ.
وفي الحقيقة إن ما أخفي لهم إنما هو جمالهم فقد أخفي عنهم لعينهم فإن العين حق.
فاعلم أنه ما دام أن تكون عينكم الفانية باقية يكون جمالكم الباقي مخفياً عنكم لئلا تصيبه عينكم فلو طلع صبح سعادة التلاقي وذهب بظلمة البين من البين وتبدلت العين بالعين فذهب الجفاء وظهر الخفاء ودام اللقاء
كما أقول :
مذ جاء هواكم ذاهباً بالبين
لم يبق سوى وصالكم في البين
ما جاء بغير عينكم في عيني
والآن محت عينكمولي عيني
وبقوله :﴿جَزَآءَ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يشير إلى أن عدم علم كل نفس بما أخفي لهم وحصول جهلهم به إنما كان جزاء بما كانوا يعملون بالإعراض عن الحق لإقبالهم على طلب غير الله وعبادة ما سواه انتهى. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٧ صـ ١٤١ ـ ١٤٥﴾