قوله تعالى :﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لعل هذه الترجى والله تعالى محال ذلك عليه فما الحكمة فيه ؟ نقول فيه وجهان أحدهما : معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين كقوله تعالى :﴿إِنَّا نسيناكم﴾ [ السجدة : ١٤ ] يعني تركناكم كما يترك الناسي حيث لا يلتفت إليه أصلا، فكذلك ههنا نذيقهم على الوجه الذي يفعل بالراجي من التدريج وثانيهما : معناه نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل لعلهم يرجعون بسببه، ونزيد وجهاً آخر من عندنا، وهو أن كل فعل يتلوه أمر مطلوب من ذلك الفعل يصح تعليل ذلك الفعل بذلك الأمر، كما يقال فلان اتجر ليربح، ثم إن هذا التعليل إن كان في موضع لا يحصل الجزم بحصول الأمر من الفعل نظراً إلى نفس الفعل وإن حصل الجزم والعلم بناء على أمر من خارج فإنه يصح أن يقال يفعل كذا رجاء كذا، كما يقال يتجر رجاء أن يربح، وإن حصل للتاجر جزم بالربح لا يقدح ذلك في صحة قولنا يرجو لما أن الجزم غير حاصل نظراً إلى التجارة وإن كان الجزم حاصلاً نظراً إلى الفعل، لا يصح أن يقال يرجو وإن كان ذلك الجزم يحتمل خلافه كقول القائل فلان حز رقبة عدوه رجاء أن يموت، لا يصح لحصوله الجزم بالموت عقيب الحز نظراً إليه وإن أمكن أن لا يموت نظراً إلى قدرة الله تعالى، ويصحح قولنا قوله تعالى في حق إبراهيم