وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِيمَنْ نَزَلَتْ ؟ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمُؤْمِنِ، وَفِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ الْكَافِرِ، فَاخَرَ عُقْبَةُ عَلِيًّا، فَقَالَ : أَنَا أَبْسَطُ مِنْك لِسَانًا، وَأَحَدُّ سِنَانًا، وَأَمْلَأُ فِي الْكَتِيبَةِ مِنْك حَشْوًا.
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : لَيْسَ كَمَا قُلْت يَا فَاسِقُ.
قَالَ قَتَادَةُ : وَاَللَّهِ مَا اسْتَوَيَا فِي الدُّنْيَا، وَلَا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَلَا فِي الْآخِرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي هَذَا الْقَوْلِ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَبِهَذَا مُنِعَ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا ؛ إذْ مِنْ شُرُوطِ وُجُودِ الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، وَبِذَلِكَ احْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَتْلِهِ الْمُسْلِمَ بِالذِّمِّيِّ.
وَقَالَ : أَرَادَ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ هَاهُنَا فِي الْآخِرَةِ فِي الثَّوَابِ، وَفِي الدُّنْيَا فِي الْعَدَالَةِ، وَنَحْنُ حَمَلْنَاهُ عَلَى عُمُومِهِ ؛ وَهُوَ أَصَحُّ ؛ إذْ لَا دَلِيلَ يَخُصُّهُ حَسْبَمَا قَرَرْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ٣ صـ ﴾