وقال ابن عطية :
﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ﴾
﴿ يهد ﴾ معناه يبين قاله ابن عباس، وقرأ جمهور الناس " يهد " بالياء فالفاعل الله تعالى في قول فرقة والرسول في قول فرقة، كأنه قال " أو لم يبين لهم الهدى "، وجوز الكوفيون أن يكون الفاعل ﴿ كم ﴾، ولا يجوز ذلك عند البصريين لأنها في الخبر على حكمها في الاستفهام في أنها لا يعمل فيها ما قبلها، وقرأ أبو عبد الرحمن " نهد " بالنون وهي قراءة الحسن وقتادة، فالفاعل الله تعالى، و﴿ كم ﴾ في موضع نصب، فعند الكوفيين ب " نهد " وعند البصريين ب ﴿ أهلكنا ﴾، على القراءتين جميعاً، وقرأ جمهور الناس " يَمشون " بفتح الياء وتخفيف الشين، وقرأ ابن السميفع اليماني " يُمَشّون " بضم الياء وفتح الميم وشد الشين، وقرأ عيسى بن عمر " يُمْشُون " بضم الياء وسكون الميم وشين مضمومة مخففة، والضمير في ﴿ يمشون ﴾ يحتمل أن يكون للمخاطبين بالتنبيه المحتج عليهم، ويحتمل أن يكون للمهلكين ف ﴿ يمشون ﴾ في موضع الحال، أي أهلكوا وهم ماشون في مساكنهم، والضمير في ﴿ يسمعون ﴾ للمنبهين، ومعنى هذه الآية إقامة الحجة على الكفرة بالأمم السالفة الذين كفروا فأهلكوا، ثم أقام عز وجل الحجة عليهم في معنى الإيمان بالقدرة وبالبعث بأن نبههم على إحياء الأرض الموات بالماء والنبات، و" السوق " هو بالسحاب، وإن كان سوق بنهر فأصله من السحاب و﴿ الجرز ﴾ الأرض العاطشة التي قد أكلت نباتها من العطش والغيظ، ومنه قيل للأكول جروز. قال الشاعر :