اعلم أنه بعد حادثة أحد وبدر الصغرى المارتين طلب أبو سفيان الأمان من محمد صلّى اللّه عليه وسلم ليقدم إلى المدينة فيتحادث معه بما يتعلق بعقد معاهدة سلم، فأعطاه الأمان، فحضر هو وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور عمرو بن سفيان السلمي ونزلوا على رأس المنافقين ابن سلول، ثم ذهبوا معه وعبد اللّه بن أبي سرح وملعجة بن أبيرق إلى حضرة الرسول ليقابلوه، وكان عنده عمر بن الخطاب، فقالوا له ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة وقل ان لها شفاعة وندعك وربك، فشق ذلك على حضرة الرسول، فقال تأذن يا رسول اللّه بقتلهم ؟ قال لا قد أتونا بالأمان، فقال لهم عمر إذن اخرجوا في امنة اللّه وغضبه، فخرجوا وأمر عمر بأن يخرجهم من المدينة آمنين كما دخلوها آمنين، فأنزل اللّه مبدأ هذه السورة كأنه يقول أيها المخبر عنا المأمون على أسرارنا المبلغ أحبابنا دم على التقوى التي أنت عليها والتوكل الذي أنت متحل به ونحن نكفيك من ناوأك، ولم يسمه تشريفا له وتنويها بتصريح اسمه فيما بعد.
قال تعالى "ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" ينتفع بهما معا فإذا وجدا على خلاف العادة وللّه خرق العادات فيكون أحدهما زائدا كالأصبع الزائدة في اليد أو الرجل أو كلاهما بمثابة واحد بسبب الاتصال كالأصبعين المتلاصقين، وعدم وجود قلبين في شخص واحد محقق شائع قال المجنون في هذا
فلو كان لي تقليان عشت بواحد وتركت قلبا في هواك يعذب
وقال أبو دلامة :
لو أن لي مهجة أخرى لجدت بها لكنها خلقت فردا فلم أجد