وهذه المعاهدة وقعت بينهم وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وإنما أضافها اللّه تعالى لنفسه الكريمة، لأن معاهدة رسوله معاهدة لحضرته المقدسة، ولأن الرسول لم يعاهد إلا بأمر ربه وقد نصوا في هذه المعاهدة على عدم الفرار فنكثوا ولهذا يقول اللّه إذ رأوا أنهم لم يسألوا عن ميثاقهم هذا في الدنيا فإنهم لا بدّ من أن يسألوا عنه في الآخرة (قل) يا سيد الرسل لهؤلاء كلهم "لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ" إذا كان كتب عليكم "وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ" بعد فراركم هذا "إِلَّا قَلِيلًا" (١٦) بقية مدة آجالكم في الدنيا، ويا حبيبي "قُلْ" لهم أيضا "مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً" قتلا أو غيره "أَوْ" من يمسك فضله إن "أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً" نصرا أو غيره أي لا أحد يقدر على شيء من ذلك غيره "وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً" (١٧) يمنعهم مما قدر عليهم، بل لا بد نائلهم قال تعالى "قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ" المثبطين الناس عن نصرة الرسول "وَ" يعلم "الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ" وهم ابن سلول وأصحابه "هَلُمَّ إِلَيْنا" تعالوا نحونا واتركوا محمدا وأصحابه لأنهم مغلوبون لا محالة فلو كانوا لحما لابتلعهم أبو سفيان وأصحابه لأن محمدا وأصحابه بالنسبة إليهم كأكلة رأس، فتراهم يا حبيبي يقولون هذا القول البذيء "وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ"
أي الحرب "إِلَّا قَلِيلًا" (١٨) بقدر ما