وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ أى هذا باطل ؛ كما أن قولكم فى جَميل باطل. إذا قال الرجل: امرأته عليه كظهر أُمّه فليسَ كذلكَ، وفيه من الكفّارة مَا جَعَل الله. وقوله ﴿تُظَاهِرُونَ﴾ خفيفة قرأهَا يحيى بن وثّاب. وقرأها الحسن (تُظَهِّرُونَ) مشدّدةً بغير ألفٍ. وقرأها أهل المدينة (تَظَّهَّرون) بنصب التاء، وكلّ صَوَاب معناه متقارِب العرب تقول: عَقّبت وعاقبت، ﴿وَعَقَّدتُمُ الأيمَانَ﴾ و ﴿عَاقَدْتُمْ﴾ ﴿ولا تُصعِّرْ خَدَّكَ﴾ و﴿لا تُصَاعِرْ﴾ اللهمّ لا تُرَاءِبى، وتُرأبِّى. وقد قرأ بذلك قولم فقالُوا: ﴿يُرَاءُونَ﴾ و ﴿يُرَءُّون﴾ مثل يُرَعُّونَ. وقد قرأ بعضهم ﴿تَظَاهَرُونَ﴾ وهو وجه جَيّد لا أعرف إسْناده.
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ﴾.
كان أهل الجاهليّة إذا أعجب أحدَهم جَلَدُ الرجل وظُرْفُه ضمَّه إلى نفسِهِ، وَجَعَل له مثلَ نصيب ذَكَر من ولده من ميراثه. وكانوا يُنسبون إليهم، فيقال: فلان بن فلان للذى أقطعه إليه. فقال الله ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ﴾. وهو بَاطل ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ﴾ غير مَا قلتم.
﴿ ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُواْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَاكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾
ثم أمرهم فقال: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ...﴾
أى انسُبوهم إلى آبائِهم. وقوله ﴿فَإِن لَّمْ تَعْلَمُواْ آبَاءَهُمْ﴾ فانسبوهم إلى نسبة مواليكم الذين لا تعرفونَ آباءهم: فلان بن عبدالله، بن عبدالرحمن ونحوه.