والمعنى فى تفسير الآية أنّ المسْلمينَ كانوا يدخلون على النبىّ عليه السلام فى وقت الغَدَاء، فإذا طعِمُوا أطالوا الجلوس، وسَألوا أزواجَهُ الحوائج. فاشتدّ ذلك علىالنبىّ صَلى الله عليه وسلم، حَتّى أنزل الله هذه الآية، فتكلّم فى ذلكَ بعضُ الناس، وقال: أننهى أن ندخل عَلَى بناتِ عَمِّنَا إلاّ بإذنٍ، أو من وَراء حجَاب. لئِنَ مَات محمد لأتَزوّجَنّ بعضهنّ. فقام الآباء أبو بكرٍ وذووه، فقالوا: يا رسول الله، ونحن أيضاً لا ندخل عليهنّ إلاّ بإذنٍ، ولا نسألهنّ الحوائج إلاّ من وراء حجاب، فأنزل الله ﴿لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فى آبائِهنّ﴾ إلى آخر الآية. وأنزل فىالتزويج ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً﴾.
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ...﴾
نزلت فى أهل الفسق والفجور، وكانوا يتّبعونَ الإمَاء بالمدينة فيَفجُرونَ بهنّ، فكان المسلمونَ فى الأخْبِية لم يَبْنُوا ولم يستقرّوا. وكانت المرأة منْ نساء المسلمينَ تتبرّز للحاجة، فيعرض لها بعض الفجّار يُرى أنها أمَة، فتصيح به، فيذهب. وكان الزِّىُّ واحداً فأُمرِ النبىُّ عليه السلام ﴿قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَانِكَ ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ والجِلبابُ: الرداء.
حَدثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال: حدَّثنا الفرّاء، قال حدَّثنى يحيى بن المُهَلَّب أبو كُدَيْنة عن ابن عون عن ابن سِيرين فى قوله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبهنّ﴾.