ثم قال تعالى :﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بأفواهكم﴾ فيه لطيفة وهو أن الكلام المعتبر على قسمين أحدهما : كلام يكون عن شيء كان فيقال : والثاني : كلام يقال فيكون كما قيل والأول كلام الصادقين الذين يقولون ما يكون والآخر كلام الصديقين الذين إذا قالوا شيئاً جعله الله كما قالوه وكلاهما صادر عن قلب والكلام الذي يكون بالفم فحسب هو مثل نهيق الحمار أو نباح الكلب، لأن الكلام المعتبر هو الذي يعتمد عليه والذي لا يكون عن قلب وروية لا اعتماد عليه، والله تعالى ما كرم ابن آدم وفضله على سائر الحيوانات ينبغي أن يحترز من التخلق بأخلاقها، فقول القائل : هذا ابن فلان مع أنه ليس ابنه ليس كلاماً فإن الكلام في الفؤاد وهذا في الفم لا غير، واللطيفة هي أن الله تعالى ههنا قال :﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بأفواهكم﴾ وقال في قوله :﴿وَقَالَتِ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بأفواههم﴾ [ التوبة : ٣٠ ] يعني نسبة الشخص إلى غير الأب قول لا حقيقة له ولا يخرج من قلب ولا يدخل أيضاً في قلب فهو قول بالفم مثل أصوات البهائم.


الصفحة التالية
Icon