ولما افتتحت هذه السورة بما حاصله ما قدمناه من إعلامه عليه السلام من هذا الأمر بعلي حاله ومزية قدره، ناسب ذلك ما احتوت عليه السورة من باب التنزيه في مواضع منها إعلامه تعالى بأن أزواج نبيه ـ ﷺ ـ أمهات للمؤمنين فنزهن عن أن يكون حكمهن حكم غيرهن من النساء مزية لهن وتخصيصاً وإجلالاً لنبيه ـ ﷺ ـ، ومنها قوله تعالى :﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب﴾ - الآية، فنزههم عن تطرق سوء أو دخول ارتياب على مصون معتقداتهم وجليل إيمانهم ﴿قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً﴾ والآية بعد ذلك، وهي قوله تعالى :﴿من المؤمنين رجال صدقوا﴾ - الآية، ومنها ﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن﴾ فنزههن سبحانه وبين شرفهن على من عداهن، ومنها تنزيه أهل البيت وتكرمتهم ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾ الآية، ومنها الأمر بالحجاب ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن﴾ فنزه المؤمنات عن حالة الجاهلية من التبرج وعدم الحجاب، وصانهن عن التبذل والامتهان، ومنها قوله تعالى :﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى﴾ فوصاهم جل وتعالى ونزههم بما نهاهم عنه أن يتشبهوا بمن استحق اللعن والغضب في سوء أدبهم وعظيم مرتكبهم، إلى ما تضمنت السورة من هذا القبيل، ثم أتبع سبحانه ما تقدم بالبشارة العامة واللطف الشامل كقوله تعالى :﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً﴾ ثم قال تعالى :﴿وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً﴾ وقوله تعالى :﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً﴾ - إلى قوله تعالى :﴿أجراً كريماً﴾ وقوله تعالى ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً﴾ وقوله تعالى :{إن المسلمين


الصفحة التالية
Icon