في كثير من المواضع يقول الله :﴿عِيسَى ابن مَرْيَمَ﴾ [ البقرة : ٨٧ ] ﴿المسيح ابن مَرْيَمَ﴾ [ المائدة : ١٧ ] إشارة إلى أنه لا أب له إذ لو كان لوقع التعريف به، وقوله :﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ ميثاقا غَلِيظاً﴾ غلظ الميثاق هو سؤالهم عما فعلوا في الإرسال كما قال تعالى :﴿ولنسألن المرسلين﴾ [ الأعراف : ٦ ] وهذا لأن الملك إذا أرسل رسولاً وأمره بشيء وقبله فهو ميثاق، فإذا أعلمه بأنه يسأل عن حاله في أفعاله وأقواله يكون ذلك تغليظاً للميثاق عليه حتى لا يزيد ولا ينقص في الرسالة، وعلى هذا يمكن أن يقال بأن المراد من قوله تعالى :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً﴾ [ النساء : ٢١ ] هو الإخبار بأنهم مسؤلون عنها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام :" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وكما أن الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء جعل الأنبياء قائمين بأمور أمتهم وإرشادهم إلى سبيل الرشاد.
لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)
يعني أرسل الرسل وعاقبة المكلفين إما حساب وإما عذاب، لأن الصادق محاسب والكافر معذب، وهذا كما قال علي عليه السلام :" الدنيا حلالها حساب وحرامها عذاب " وهذا مما يوجب الخوف العام فيتأكد قوله :﴿يا أيها النبى اتق الله﴾ [ الأحزاب : ١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٥ صـ ١٦٨ ـ ١٧١﴾