فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿قد يعلم الله المعووقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا ييأتون البأس إلا قليلاً، أشحة عليكم ﴾.
أي الذين يثبطون المسلمين ويقولون تعالوا إلينا ولا تقاتلوا مع محمد ﷺ وفيه وجهان أحدهما : أنهم المنافقون الذين كانوا يقولون للأنصار لا تقاتلوا وأسلموا محمداً إلى قريش وثانيهما : اليهود الذين كانوا يقولون لأهل المدينة تعالوا إلينا وكونوا معنا وهلم بمعنى تعال أو احضر ولا تجمع في لغة الحجاز وتجمع في غيرها فيقال للجماعة هلموا وللنساء هلمن، وقوله :﴿وَلاَ يَأْتُونَ البأس إِلاَّ قَلِيلاً﴾ يؤيد الوجه الأول وهو أن المراد منهم المنافقون وهو يحتمل وجهين أحدهما :﴿لاَ يَأْتُونَ *** البأس﴾ بمعنى يتخلفون عنكم ولا يخرجون معكم وحينئذٍ قوله تعالى :﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ أي بخلاء حيث لا ينفقون في سبيل الله شيئاً وثانيهما : لا يأتون البأس بمعنى لا يقاتلون معكم ويتعللون عن الاشتغال بالقتال وقت الحضور معكم، وقوله :﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ أي بأنفسهم وأبدانهم.
ثم قال تعالى :﴿فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً ﴾.


الصفحة التالية
Icon