وعنهما ثمرتان : تعذيب، أو رحمة.
فذكر تعالى، على جهة الإيجاز، واحدة من هاتين، وواحدة من هاتين.
ودل ما ذكر على ما ترك ذكره، ويدلك على أن معنى قوله :﴿ ليعذب ﴾، أي : ليديم على النفاق، قوله :﴿ إن شاء ﴾، ومعادلته بالتوبة، وحذف أو.
أنتهى.
وكان ما ذكر يؤول إلى أن التقدير : ليقيموا على النفاق، فيموتوا عليه، إن شاء فيعذبهم، أو يتوب عليهم فيرحمهم.
فحذف سبب التعذيب، وأثبت المسبب، وهو التعذيب.
وأثبت سبب الرحمة والغفران، وحذف المسبب، وهو الرحمة والغفران، وهذا من الإيجاز الحسن.
وقال الزمخشري : ويعذيهم إن شاء إذا لم يتوبوا، ويتوب عليهم إذا تابوا. انتهى.
ولا يجوز تعليق عذابهم إذا لم يتوبوا بمشيئته تعالى، لأنه تعالى قد شاء ذلك وأخبر أنه يعذب المنافقين حتماً لا محالة.
واللام في ﴿ ليجزي ﴾، قيل : لام الصيرورة ؛ وقيل : لام التعليل، ويتعلق بقوله :﴿ وما بدلوا تبديلاً ﴾.
قال الزمخشري : جعل المنافقون كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم، كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم، لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبة من الثواب والعقاب، فكأنهما استويا في طلبهما والسعي لتحصيلهما.
وقال السدي : المعنى : إن شاء يميتهم على نفاقهم، أو يتوب عليهم بفعلهم من النفاق بتقبلهم الإيمان.
وقيل : يعذبهم في الدنيا إن شاء، ويتوب عليهم إن شاء.
﴿ إن الله كان غفوراً رحيماً ﴾ : غفوراً للحوية، رحيماً بقبول التوبة.
﴿ ورد الله الذين كفروا ﴾ الأحزاب عن المدينة، والمؤمنين إلى بلادهم.
﴿ بغيظهم ﴾ : فهو حال، والباء للمصاحبة ؛ و﴿ لم ينالوا ﴾ : حال ثانية، أو من الضمير في بغيظهم، فيكون حالاً متداخلة.
وقال الزمخشري : ويجوز أن تكون الثانية بياناً للأولى، أو استئنافاً. انتهى.
ولا يظهر كونها بياناً للأولى، ولا للاستئناف، لأنها تبقى كالمفلتة مما قبلها.


الصفحة التالية
Icon