فنادى في الناس :" لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة "، فخرجوا إليها، فمصل في الطريق، ورأى أن ذلك خرج مخرج التأكيد والاستعجال ؛ ومصل بعد العشاء، وكل مصيب.
فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، وقيل : إحدى وعشرين، وقيل : خمسة عشر.
فنزلوا على حكم سعد بن معاذ الأوسي، لحلف كان بينهم، رجوا حنوه عليهم، فحكم أن يقتل المقاتلة ويسبي الذرية والعيال والأموال، وأن تكون الأرض والثمار للمهاجرين دون الأنصار.
فقالت له الأنصار في ذلك، فقال : أردت أن يكون لهم أموال كما لكم، فقال له رسول الله ( ﷺ ) :" لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرفعة "، ثم استنزلهم، وخندق لهم في سوق المدينة، وقدمهم فضرب أعناقهم، وهم من بين ثمانمائة إلى تسعمائة.
وقيل : كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير.
وجيء يحيي بن أخطب النضيري، وهو الذي كان أدخلهم في الغدر برسول الله ( ﷺ )، فدخل عندهم وفاء لهم، فترك فيمن ترك على حكم سعد.
فلما قرب، وعليه حلتان تفاحيتان، مجموعة يداه إلى عنقه، أبصر رسول الله ( ﷺ )، فقال : يا محمد! والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكن من يخذل الله يخذل.
ثم قال : أيها الناس، إنه لا بأس أمر الله وقدره، ومحنة كتبت على بني إسرائيل، ثم تقدم فضربت عنقه.
وقال فيه بعض بني ثعلبة :
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه...
ولكنه من يخذل الله يخذل
لا جهد حتى أبلغ النفس عذرها...
وقلقل يبغي الغد كل مقلقل
وقتل من نسائهم امرأة، وهي لبابة امرأة الحكم القرظي، كانت قد طرحت الرحى على خلاد بن سويد فقتل ؛ ولم يستشهد في حصار بني قريظة غيره.
ومات في الحصار أبو سفيان بن محصن، أخو عكاشة بن محصن، وكان فتح قريظة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.


الصفحة التالية
Icon