ولما كانت هذه الآيات قد نهت عن الرذائل فكانت عنها أشرف الفضائل قال مبيناً أن ذلك إنما هو لتشريف أهل النبي ـ ﷺ ـ لتزيد الرغبة في ذلك مؤكداً دفعاً لوهم من يتوهم أن ذلك لهوان أو غير ذلك من نقصان وحرمان :﴿إنما يريد الله﴾ أي وهو ذو الجلال والجمال بما أمركم به ونهاكم عنه من الإعراض عن الزينة وما تبعها، والإقبال عليه، عزوفكم عن الدنيا وكل ما تكون سبباً له ﴿ليذهب﴾ أي لأجل أن يذهب ﴿عنكم الرجس﴾ أي الأمر الذي يلزمه دائماً الاستقذار والاضطراب من مذام الأخلاق كلها ﴿أهل﴾ يا أهل ﴿البيت﴾ أي من كل من تكون من إلزام النبي ـ ﷺ ـ من الرجال والنساء من الأزواج والإماء والأقارب، وكلما كان الإنسان منهم أقرب وبالنبي ـ ﷺ ـ أخص وألزم، كان بالإرادة أحق وأجدر.
ولما استعار للمعصية الرجس، استعار للطاعة الطهر، ترغيباً لأصحاب الطباع السليمة والعقول المستقيمة، في الطاعة، وتنفيراً لهم عن المعصية فقال :﴿ويطهركم﴾ أي يفعل في طهركم بالصيانة عن جميع القاذورات الحسية والمعنوية فعل المبالغ فيه، وزاد ذلك عظماً بالمصدر فقال :﴿تطهيراً ﴾.
ولما ذكر ذلك إلى أن ختم بالتطهير، أتبعه التذكير بما أنعم سبحانه به مما أثره التطهير من التأهيل لمشاهدة ما يتكرر من تردد الملائكة بنزول الوحي الذي هو السبب في كل طهر ظاهر وباطن، فقال مخصصاً من السياق لأجلهن ـ رضى الله عنه ـ ن، منبهاً لهن على أن بيوتهن مهابط الوحي ومعادن الأسرار :﴿واذكرن﴾ أي في أنفسكن ذكراً دائماً، واذكرنه لغيركن على جهة الوعظ والتعليم.


الصفحة التالية
Icon