قال الطبري : ما كان الله ليؤثم نبيه فيما أحل مثال فعله لمن قبله من الرسل قال الله تعالى :﴿ سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ أي من النبيين فيما أحل لهم ولو كان على ما روي في حديث قتادة من وقوعها من قلب النبي ﷺ عندما أعجبته ومحبته طلاق زيد لها لكان فيه أعظم الحرج وما لا يليق به من مد عينيه لما نهي عنه من زهرة الحياة الدنيا ولكان هذا نفس الحسر المذموم الذي لا يرضاه ولا يتسم به الأتقياء فكيف سيد الأنبياء ؟
قال القشيري : وهذا إقدام عظيم من قائله وقلة معرفة بحق النبي ﷺ وبفضله
وكيف يقال : رآها فأعجبته وهي بنت عمه ولم يزل يراها منذ ولدت ولا كان النساء
يحتجبن منه ﷺ وهو زوجها لزيد وإنما جعل الله طلاق زيد لها وتزويج النبي ﷺ إياها لإزالة حرمة التبني وإبطال سنته كما قال :﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ﴾ وقال :﴿ لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ﴾ [ سورة الأحزاب / ٣٣، الآية : ٤٠ ]
ونحوه لابن فورك
وقال أبو الليث السمرقندي : فإن قيل : فما الفائدة في أمر النبي ﷺ لزيد بإمساكها ؟ فهو أن الله أعلم نبيه أنها زوجته فنهاه النبي ﷺ عن طلاقها إذ لم تكن بينهما ألفة وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به فلما طلقها زيد خشي قول الناس : يتزوج إمرأة ابنه فأمره الله بزواجها ليباح مثل ذلك لأمته كما قال تعالى :﴿ لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ﴾ [ سورة الأحزاب / ٣٣، الآية : ٣٧ ]