وقال الجصاص :
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرَ رَسُولِهِ عَلَى الْوُجُوبِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَفَى بِالْآيَةِ أَنْ تَكُونَ لَنَا الْخِيَرَةُ فِي تَرْكِ أَوَامِرِ اللَّهِ وَأَوَامِرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوُجُوبِ لَكُنَّا مُخَيَّرِينَ بَيْنَ التَّرْكِ وَالْفِعْلِ، وَقَدْ نَفَتْ الْآيَةُ التَّخْيِيرَ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فِي نَسَقِ ذِكْرِ الْأَوَامِرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَأَنَّ تَارِكَ الْأَمْرِ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ فَقَدْ انْتَظَمَتْ الْآيَةُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِ أَوَامِرِ اللَّهِ وَأَوَامِرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا نَفَتْ التَّخْيِيرَ مَعَهُمَا.
وَالثَّانِي : أَنَّ تَارِكَ الْأَمْرِ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ ﴾ الْآيَةَ.
رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ :﴿ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : مَا كَانَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ فِي قَوْله تَعَالَى :{ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾ ؟ قَالَ : قُلْت : كَانَ يَقُولُ : إنَّهَا كَانَتْ تُعْجِبُهُ، وَإِنَّهُ قَالَ لِزَيْدٍ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك.