وَمَا زَالَتْ الْأَسْبَابُ الْكَرِيمَةُ، وَالْوَسَائِلُ السَّلِيمَةُ تُحِيطُ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ وَالطَّرَائِفُ النَّجِيبَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةِ ضَرَائِبِهِ، وَالْقُرَنَاءُ الْأَفْرَادُ يَحْيَوْنَ لَهُ، وَالْأَصْحَابُ الْأَمْجَادُ يَنْتَقُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ طَاهِرِ الْجَيْبِ، سَالِمٍ عَنْ الْعَيْبِ، بَرِيءٍ مِنْ الرَّيْبِ، يَأْخُذُونَهُ عَنْ الْعُزْلَةِ، وَيَنْقُلُونَهُ عَنْ الْوَحْدَةِ، فَلَا يَنْتَقِلُ إلَّا مِنْ كَرَامَةٍ إلَى كَرَامَةٍ، وَلَا يَتَنَزَّلُ إلَّا مَنَازِلَ السَّلَامَةِ حَتَّى تَجِيءَ بِالْحَيِيِّ نِقَابًا، أَكْرَمَ الْخَلْقِ سَلِيقَةً وَأَصْحَابًا، وَكَانَتْ عِصْمَتُهُ مِنْ اللَّهِ فَضْلًا لَا اسْتِحْقَاقًا ؛ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا رَحْمَةً لَا مَصْلَحَةً، كَمَا تَقُولُهُ الْقَدَرِيَّةُ لِلْخَلْقِ، بَلْ مُجَرَّدُ كَرَامَةٍ لَهُ وَرَحْمَةٍ بِهِ، وَتَفَضُّلٍ عَلَيْهِ، وَاصْطِفَاءٍ لَهُ، فَلَمْ يَقَعْ قَطُّ لَا فِي ذَنْبٍ صَغِيرٍ حَاشَا لِلَّهِ وَلَا كَبِيرٍ، وَلَا وَقَعَ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِأَجْلِهِ نَقْصٌ، وَلَا تَعْيِيرٌ.
وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.