يَلْزَمُ ؛ وَلَكِنْ لِطِيبِ نُفُوسِكُمْ نُفَسِّرُ مَا خَطَرَ مِنْ الْإِشْكَالِ فِيهِ : إنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَخْتَبِرَ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلِمْهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ رَغْبَتِهِ فِيهَا أَوْ رَغْبَتِهِ عَنْهَا، فَأَبْدَى لَهُ زَيْدٌ مِنْ النُّفْرَةِ عَنْهَا وَالْكَرَاهِيَةِ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ مِنْهُ فِي أَمْرِهَا.
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِالتَّمَسُّكِ بِهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْفِرَاقَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ؟ قُلْنَا : بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِلْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَمَعْرِفَةِ الْعَاقِبَةِ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالْإِيمَانِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، فَلَيْسَ فِي مُخَالَفَةِ مُتَعَلِّقِ الْأَمْرِ لِمُتَعَلِّقِ الْعِلْمِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ عَقْلًا وَحُكْمًا، وَهَذَا مِنْ نَفِيسِ الْعِلْمِ ؛ فَتَيَقَّنُوهُ وَتَقَبَّلُوهُ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ﴾
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْوَطَرُ : الْأَرَبُ، وَهُوَ الْحَاجَةُ، وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ :﴿ أَيُّكُمْ يَمْلِكُ أَرَبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ أَرَبَهُ ﴾ عَلَى أَحَدِ الضَّبْطَيْنِ يَعْنِي شَهْوَتَهُ ".
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ :﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ فَذَكَرَ عَقْدَهُ عَلَيْهَا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ، وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُ الْقَوْلُ الْمَخْصُوصُ بِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ فِيهِ، وَعِنْدَنَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ.