وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ﴾
فيه مسألتان :
الأولى : روى الترمذي عن أمّ عُمارة الأنصارية أنها أتت النبي ﷺ فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء! فنزلت هذه الآية :﴿ إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ﴾ الآية.
هذا حديث حسن غريب.
و"الْمُسْلِمِينَ" اسم "إنّ".
"وَالْمُسْلِمَاتِ" عطف عليه.
ويجوز رفعهن عند البصريين، فأما الفرّاء فلا يجوز عنده إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب.
الثانية : بدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإسلام الذي يعمّ الإيمان وعمل الجوارح، ثم ذكر الإيمان تخصيصاً له وتنبيهاً على أنه عُظْم الإسلام ودِعامته.
والقانت : العابد المطيع.
والصادق : معناه فيما عُوهِدَ عليه أن يفي به.
والصابر عن الشهوات وعلى الطاعات في المَكْره والمَنْشَط.
والخاشع : الخائف لله.
والمتصدّق بالفرض والنفل.
وقيل : بالفرض خاصّة ؛ والأوّل أمدح.
والصائم كذلك.
﴿ والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات ﴾ أي عما لا يحلّ من الزنى وغيره.
وفي قوله :﴿ والحافظات ﴾ حذف يدل عليه المتقدّم، تقديره : والحافظاتها، فاكتفى بما تقدّم.
وفي ﴿ والذاكرات ﴾ أيضاً مثله، ونظيره قول الشاعر :
وكُمْتاً مُدَمّاة كأن متونها...
جرى فوقها واستشعرتْ لَوْنُ مُذْهَبِ
وروى سيبويه :"لَوْنَ مُذْهَبِ" بالنصب.
وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء، كأنه قال : واستشعرته ؛ فيمن رفع لوناً.
والذاكر قيل في أدبار الصلوات وغُدُوًّا وعَشِيًّا، وفي المضاجع وعند الانتباه من النوم.
وقد تقدّم هذا كله مفصلاً في مواضعه، وما يترتب عليه من الفوائد والأحكام، فأغنى عن الإعادة.
والحمد للَّهِ رب العالمين.
قال مجاهد : لا يكون ذاكراً للَّهِ تعالى كثيراً حتى يذكره قائماً وجالساً ومضطجعاً.


الصفحة التالية
Icon