ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة - كما قال رسول الله ﷺ :"يا معشر الشباب، مَنْ استطاع منكم الباء فليتزوج، فإنه أغَضُّ للبصر، وأحْصَن للفرج، ومَنْ لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء" (١) - ناسب أن يذكر بعده :﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ أي : عن المحارم والمآثم إلا عن المباح، كما قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥ - ٧ ].
وقوله :﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾ قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا محمد بن جابر، عن علي بن الأقمر، عن الأغَرِّ أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :"إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل، فصليا ركعتين، كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات".
وقد رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث الأعمش، [عن علي بن الأقمر]، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي ﷺ، بمثله.
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، رضي الله عنه، أنه قال : قلت : يا رسول الله، أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال :"الذاكرون الله كثيرا والذاكرات".
قال : قلت : يا رسول الله، ومن الغازي في سبيل الله ؟ قال :"لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه" (٢).
(٢) سنن أبي داود برقم (١٣٠٩) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٠٦) وسنن ابن ماجه برقم (١٣٣٥).
(٧) المسند (٣/٧٥) ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.