وقال الآلوسى :
﴿ مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ ﴾
أي ما صح وما استقام في الحكمة أن يكون له حرج ﴿ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ ﴾ أي قسم له ﷺ وقدر من قولهم : فرض له في الديوان كذا، ومنه فروض العساكر لما يقطعه السلطان لهم ويرسم به، وقال قتادة : أي فيما أحل له، وقال الحسن : فيما خصه به من صحة النكاح بلا صداق، وقال الضحاك : من الزيادة على الأربع ﴿ سُنَّةَ الله ﴾ أي سن الله تعالى ذلك سنة فهو مصدر منصوب بفعل مقدر من لفظه، والجملة مؤكدة لما قبلها من نفي الحرج، وذهب الزمخشري إلى أنه اسم موضوع موضع المصدر كقولهم : ترباً وجندلاً أي رغماً وهواناً وخيبة، وكأنه لم تثبت عنده مصدريته، وقيل منصوب بتقدير الزم ونحوه.
قال ابن عطية : ويجوز أن يكون نصباً على الإغراء كأنه قيل : فعليه سنة الله.
وتعقبه أبو حيان بأنه ليس يجيد لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه، وأيضاً تقدير فعليه سنة الله بضمير الغائب لا يجوز إذ لا يغري غائب وقولهم عليه رجلاً ليسني مؤول وهو مع ذلك نادر.
واعترض بأن قوله : لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه ممنوع، وهو خلاف ما يفهم من كتب النحو وبأن ما ذكره في أمر إغراء الغائب مسلم لكن يمكن توجيهه كما لا يخفى، ثم قيل : إن ظاهر كلام ابن عطية يشعر بأن النصب بتقدير الزم قسيم للنصب على الإغراء وليس كذلك بل هو قسم منه اه فتدبر.
﴿ فِى الذين خَلَوْاْ ﴾ أي مضوا ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبلك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث لم يحرج جل شأنه عليهم في الإقدام على ما أحل لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره وقد كانت تحتهم المهائر والسراري وكانت لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية ولسليمان عليه السلام ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية.


الصفحة التالية
Icon