وقد اختلف العلماء في وجوب الهجرة وعدمه فيه فقال بعضم : تجب الهجرة لوجوب حفظ المال والعرض.
وقال جمع : لا تجب إذ الهجرة عن ذلك المقام مصلحة من المصالح الدنيوية ولا يعود بتركها نقصان في الدين إذ العدو المؤمن كيفما كان لا يتعرض لعدوه الضعيف المؤمن مثله بالسوء من حيث هو مؤمن.
وقال بعض الأجلة على طريق المحاكمة : الحق أن الهجرة ههنا قد تجب أيضاً وذلك إذا خاف هلاك نفسه أو أقاربه أو الإفراط في هتك حرمته، وقال إنها مع وجوبها ليست عبادة إذ التحقيق أنه ليس كل واجب عبادة يثاب عليها فإن الأكل عند شدة المجاعة والاحتراز عن المضرات المعلومة أو المظنونة في المرض وعن تناول السمومات في حال الصحة وما أشبه ذلك أمور واجبة ولا يثاب فاعلها عليها اه، وفيه بحث وتمام الكلام في هذا المقام يطلب من زبر العلماء الأعلام، ولعل لنا عودة إن شاء الله تعالى لذكر شيء من ذلك والله تعالى الهادي لسلوك أقوم المسالك.
بقى لنا فيما يتعلق بالآية شيء وهو ما قيل : إنه سبحانه وصف المرسلين الخالين عليهم الصلاة والسلام بأنهم لا يخشون أحداً إلا الله وقد أخبر عز وجل عن موسى عليه السلام بأنه قال :﴿ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا ﴾ [ طه : ٥ ٤ ] وهل خوف ذلك إلا خشية غير الله تعالى فما وجه الجمع؟ قلت : أجيب بأن الخشية أخص من الخوف.


الصفحة التالية
Icon