وقال الأكثرون : هي آية تخيير، فإذا قال لها : اختاري، فاختارت زوجها، لم يكن ذلك طلاقاً.
وعن علي : تكون واحدة رجعية، وإن اختارت نفسها، وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول علي ؛ وواحدة رجعية عند الشافعي، وهو قول عمر وابن مسعود ؛ وثلاث عند مالك.
وأكثر الناس ذهبوا إلى أن الآية في التخيير والطلاق، وهو قول علي والحسن وقتادة، قال هذا القائل.
وأما أمر الطلاق فمرجأ، فإن اخترن أنفسهن، نظر هو كيف يسرحهن، وليس فيها تخيير في الطلاق، لأن التخيير يتضمن ثلاث تطليقات، وهو قد قال :﴿ وأسرحكن سراحاً جميلاً ﴾، وليس مع بت الطلاق سراح جميل. انتهى.
والذي يدل عليه ظاهر الآية هو ما ذكرناه أولاً من أنه علق على إرادتهن زينة الحياة الدنيا وقوع التمتيع والتسريح منه، والمعنى في الآية : أنه كان عظيم همكن ومطلبكن التعمق في الدنيا ونيل نعيمها وزينتها.
وتقدم الكلام في :﴿ فتعالين ﴾ في قوله تعالى :﴿ قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ في آل عمران.
﴿ أمتعكن ﴾، قيل : المتعة واجبة في الطلاق ؛ وقيل : مندوب إليها.
والأمر في قوله :﴿ ومتعوهن ﴾ يقتضي الوجوب في مذهب الفقهاء، وتقدم الكلام في ذلك، وفي تفصيل المذاهب في البقرة.
والتسريح الجميل إما في دون البيت، أو جميل الثناء، والمعتقد وحسن العشرة إن كان تاماً.
وقرأ الجمهور :﴿ أمتعكن ﴾، بالتشديد من متع ؛ وزيد بن علي : بالتخفيف من أمتع، ومعنى ﴿ أعد ﴾ : هيأ ويسر، وأوقع الظاهر موقع المضمر تنبيهاً على الوصف الذي ترتب لهن به الأجر العظيم، وهو الإحسان، كأنه قال : أعدلكن، لأن من أراد الله ورسوله والدار الآخرة كان محسناً.


الصفحة التالية
Icon