يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١)
وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن السورة أصلها ومبناها على تأديب النبي ﷺ وقد ذكرنا أن الله تعالى بدأ بذكر ما ينبغي أن يكون عليه النبي عليه السلام مع الله وهو التقوى وذكر ما ينبغي أن يكون عليه النبي عليه السلام مع أهله وأقاربه بقوله :﴿يا أيها النبى قُل لأزواجك﴾ [ الأحزاب : ٢٨ ] والله تعالى يأمر عباده المؤمنين بما يأمر به أنبياءه المرسلين فأرشد عباده كما أدب نبيه وبدأ بما يتعلق بجانبه من التعظيم فقال :﴿يا أيها الذين ءامَنُواْ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً﴾ كما قال لنبيه :﴿يا أيها النبى اتق الله﴾ [ الأحزاب : ١ ].
ثم ههنا لطيفة وهي أن المؤمن قد ينسى ذكر الله فأمر بدوام الذكر، أما النبي لكونه من المقربين لا ينسى ولكن قد يغتر المقرب من الملك بقربه منه فيقل خوفه فقال :﴿اتق الله﴾ فإن المخلص على خطر عظيم وحسنة الأولياء سيئة الأنبياء وقوله :﴿ذِكْراً كَثِيراً﴾ قد ذكرنا أن الله في كثير من المواضع لما ذكر وصفه بالكثرة إذ لا مانع من الذكر على ما بينا.
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)
أي إذا ذكرتموه فينبغي أن يكون ذكركم إياه على وجه التعظيم والتنزيه عن كل سوء وهو المراد بالتسبيح وقيل المراد منه الصلاة وقيل للصلاة تسبيحه ﴿بكرة وأصيلاً﴾ إشارة إلى المداومة وذلك لأن مريد العموم قد يذكر الطرفين ويفهم منهما الوسط كقوله عليه السلام " لو أن أولكم وآخركم " ولم يذكر وسطكم ففهم منه المبالغة في العموم.
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣)


الصفحة التالية
Icon