وقوله تعالى :﴿وَبَشّرِ المؤمنين﴾ عطف على مفهوم تقديره إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً فاشهد وبشر ولم يذكر فاشهد للاستغناء عنه، وأما البشارة فإنها ذكرت إبانة للكرم ولأنها غير واجبة لولا الأمر.
وقوله تعالى :﴿بِأَنَّ لَهُمْ مّنَ الله فَضْلاً كِبِيراً﴾ هو مثل قوله :﴿وَأَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [ الأحزاب : ٣٥ ] فالعظيم والكبير متقاربان وكونه من الله كبير فكيف إذا كان مع ذلك كبارة أخرى.
وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٤٨)
إشارة إلى الإنذار يعني خالفهم وورد عليهم وعلى هذا فقوله تعالى :﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ أي دعه إلى الله فإنه يعذبهم بأيديكم وبالنار، ويبين هذا قوله تعالى :﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وكفى بالله وَكِيلاً﴾ أي الله كاف عبده، قال بعض المعتزلة لا يجوز تسمية الله بالوكيل لأن الوكيل أدون من الموكل وقوله تعالى :﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾ حجة عليه وشبهته واهية من حيث إن الوكيل قد يوكل للترفع وقد يوكل للعجز والله وكيل عباده لعجزهم عن التصرف، وقوله تعالى :﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾ يتبين إذا نظرت في الأمور التي لأجلها لا يكفى الوكيل الواحد منها أن لا يكون قوياً قادراً على العمل كالملك الكثير الأشغال يحتاج إلى وكلاء لعجز الواحد عن القيام بجميع أشغاله، ومنها أن لا يكون عالماً بما فيه التوكيل، ومنها أن لا يكون غنياً، والله تعالى عالم قادر وغير محتاج فيكفي وكيلاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٥ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾


الصفحة التالية
Icon