وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَلَى مُخَالَفَةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ قَالَ :( إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ) أَنَّهُ مُطَلِّقٌ بَعْدَ النِّكَاحِ، وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا كَافٍ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْمُخَالِفِ وَتَصْحِيحِ الْمَقَالَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ اقْتَضَى ظَاهِرُهُ إلْزَامَ كُلِّ عَاقِدٍ مُوجَبَ عَقْدِهِ وَمُقْتَضَاهُ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْقَائِلُ عَاقِدًا عَلَى نَفْسِهِ إيقَاعَ طَلَاقٍ بَعْدَ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ حُكْمُهُ ؛
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ﴾، أَوْجَبَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شَرْطًا أُلْزِمَ حُكْمَهُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مِلْكٍ، وَأَنَّ مَنْ قَالَ :( إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهَا ).
أَنَّهُ نَاذِرٌ فِي مِلْكِهِ مِنْ حَيْثُ أَضَافَهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا فِي الْحَالِ، فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ إذَا أَضَافَهُمَا إلَى الْمِلْكِ كَانَ مُطَلِّقًا وَمُعْتِقًا فِي الْمِلْكِ.


الصفحة التالية
Icon