قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إذَا قَالَ :( إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ) أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ :( إذَا صَحَّ نِكَاحِي لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا مَلَكْتُك بِالشِّرَى فَأَنْتَ حُرٌّ ) ؛ وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ النِّكَاحَ وَالشِّرَى شَرْطًا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَسَبِيلُ ذَلِكَ الْبُضْعِ وَمَلْكِ الرَّقَبَةِ أَنْ يَقَعَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَذِهِ هِيَ حَالُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، فَيُرَدُّ الْمِلْكُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعًا فَلَا يَقَعَانِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقَعَانِ إلَّا فِي مِلْكٍ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ :( إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ) مَعْلُومٌ مِنْ فَحَوَى كَلَامِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِيقَاعِ الْعَتَاقِ بَعْدَ صِحَّةِ الْمِلْكِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَائِلِ :( إذَا مَلَكْتُك بِالنِّكَاحِ أَوْ مَلَكْتُك بِالشِّرَى )
فَلَمَّا كَانَ الْمِلْكُ بِالنِّكَاحِ وَالشِّرَى فِي مَضْمُونِ اللَّفْظِ صَارَ ذَلِكَ كَالنُّطْقِ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ :( إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ) فَاشْتَرَى عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَنْ لَا تَطْلُقَ امْرَأَتُهُ ؛ لِأَنَّ فِي مَضْمُونِ لَفْظِهِ الْمِلْكَ، كَأَنَّهُ قَالَ :( إنْ مَلَكْت بِالشِّرَى ).