ظاهر هذا ناسخ لما كان قد ثبت له عليه السلام من أنه إذا رأى واحدة فوقعت في قلبه موقعاً كانت تحرم على الزوج ويجب عليه طلاقها، وهذه المسألة حكمية وهي أن النبي عليه السلام وسائر الأنبياء في أول النبوة تشتد عليهم برحاء الوحي ثم يستأنسون به فينزل عليهم وهم يتحدثون مع أصحابهم لا يمنعهم من ذلك مانع، ففي أول الأمر أحل الله من وقع في قلبه تفريغاً لقلبه وتوسيعاً لصدره لئلا يكون مشغول القلب بغير الله، ثم لما استأنس بالوحي وبمن على لسانه الوحي نسخ ذلك، إما لقوته عليه السلام للجمع بين الأمرين، وإما أنه بدوام الإنزال لم يبق له مألوف من أمور الدنيا، فلم يبق له التفات إلى غير الله، فلم يبق له حاجة إلى إحلال التزوج بمن وقع بصره عليها.
المسألة السادسة :
اختلف العلماء في أن تحريم النساء عليه هل نسخ أم لا ؟ فقال الشافعي نسخ وقد قالت عائشة ما مات النبي إلا وأحل له النساء، وعلى هذا فالناسخ قوله تعالى :﴿يا أيها النبى إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ] إلى أن قال :﴿وَبَنَاتِ عَمّكَ﴾ وقال :﴿وامرأة مُّؤْمِنَةً﴾ على قول من يقول لا يجوز نسخ الكتاب بخبر الواحد إذ الناسخ غير متواتر إن كان خبراً.
ثم قال تعالى :﴿إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ لم يحرم عليه المملوكات لأن الإيذاء لا يحصل بالمملوكة، ولهذا لم يجز للرجل أن يجمع بين ضرتين في بيت لحصول التسوية بينهما وإمكان المخاصمة، ويجوز أن يجمع الزوجة وجمعاً من المملوكات لعدم التساوي بينهن ولهذا لا قسم لهن على أحد.
ثم قال تعالى :﴿وَكَانَ الله على كُلّ شَىْء رَّقِيباً﴾ أي حافظاً عالماً بكل شيء قادراً عليه، لأن الحفظ لا يحصل إلا بهما. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٥ صـ ١٩١ ـ ١٩٢﴾


الصفحة التالية
Icon