ما هو صريح في أن قصة سودة بعد الحجاب عن عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا، قالت : خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فقال : يا سودة! أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله ـ ﷺ ـ في بيتي وإنه يتعشى وفي يده عرق فدخلت فقالت : يا رسول الله! إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت : فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن وهؤلاء الذين جلسوا - والنبي ـ ﷺ ـ على ما هو عليه من الكراهة لجلوسهم بما ذكر من هيئته في حيائه وتهيئه للقيام ونحو ذلك - لم يستثمروا الفقه من أحواله، بل كانوا واقفين عندما يسمعونه من مقاله، وطريقة الكمل الاستبصار برسمه وحاله كما يستبصرون من قاله وفعاله، قال الحرالي : الحال كل هيئة تظهر عن انفعال باطن، ويختص بتفهمها المشاهد المتوسم، وذلك كضحكه ـ ﷺ ـ للذي رآه يوم خيبر وقد أخذ جراب شحم من فيء يهود وهو يقول : لا أعطي اليوم من هذا أحداً شيئاً، وكتغير وجهه لعمر ـ رضى الله عنه ـ لما أخذ يقرأ عليه صحيفة من حكم الأولين حتى نبه عمر ـ رضى الله عنه ـ من توسم في وجهه ـ ﷺ ـ الكراهة لفعل عمر، وإنباء كل حال منها يحسب ما يفيده الانفعال من الانبساط والانقباض والإعراض ونحو ذلك مما يتوسمه المتفطن، ويقطع بمقتضاه المتفهم، وأما الرسم فهو كل ما شأنه البقاء بعد غيبته ووفاته، فيتفهم منه المعتبر حكم وضعه ومقصد رسمه، كالذي يشاهد من هيئة بنائه مسجده على حال اجتزاء بأيسر ممكن وكبنائه بيوته على هيئة لا تكلف فيها، ولا مزيد علة مقدار الحاجة، وكمثل الكساء الملبد الذي تركه، وفراشه ونحو ذلك من متاع بيوته، وكما يتفهم من احتفاله في أداة سلاحه مثل كون