الِاسْتِثْنَاءَ وَارِدًا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا حَالًا مُسْتَثْنَاةً فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَمْ يَقَعْ بَعْدَ " إلَّا " حِينَئِذٍ إلَّا الْمُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ مُفَرَّغٌ لِلْحَالِ، وَالشَّيْخُ فَهِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ مُنْسَحِبٍ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ ﴿ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ ﴾ لَيْسَ مُسْتَثْنًى وَلَا صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى بِهِ وَلَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَقَدْ أَصَبْت فِيمَا قُلْت لَكِنْ لِلشَّيْخِ بَعْضُ عُذْرٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ لَمَّا قَالَ إنَّهُ حَالٌ مِنْ لَا تَدْخُلُوا، وَلَمْ يَتَأَمَّلْ الشَّيْخُ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ.
فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ لَا تَدْخُلُوا غَيْرَ نَاظِرِينَ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ دُخُولَهُمْ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ مَشْرُوطًا بِالْإِذْنِ.
وَأَمَّا نَاظِرِينَ فَمَمْنُوعٌ مُطْلَقًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، ثُمَّ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى وَأَخَّرَ الْحَالَ، فَلَوْ أَرَادَهُ كَانَ إيرَادُ الشَّيْخِ مُتَّجِهًا مِنْ جِهَةِ النَّحْوِ، ثُمَّ قُلْت أَكْرَمَك اللَّهُ الثَّانِي وَكَأَنَّك أَرَدْت الثَّانِيَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِيهِمَا ؛ وَذَكَرْت اسْتِثْنَاءَ شَيْئَيْنِ.
وَقَدْ قَدَّمْت أَنَّنِي لَمْ أَظْفَرْ بِصَرِيحِ نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَا يَكُونُ فَاعِلَانِ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَلَا مَفْعُولَانِ بِهِمَا لِفِعْلٍ وَاحِدٍ لَا يَتَعَدَّى إلَى أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ مُسْتَثْنًى وَاحِدٍ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا مِنْ مُسْتَثْنًى مِنْهُمَا بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّهَا كَقَوْلِك اسْتَثْنَى الْمُتَعَدِّي إلَى وَاحِدٍ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْفِعْلِ لَا يَجُوزُ فِي الْحَرْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهِ فِي غَيْرِ بَابِ " أَعْطَى " وَشَبَهِهِ.
وَقَوْلُك إنَّهُ لَا يَكَادُ يَظْهَرُ لَهَا مَانِعٌ صِنَاعِيٌّ وَهِيَ جَدِيرَةٌ بِالْمَنْعِ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ قَوْلِ الشَّخْصِ مَا أَعْطَيْت أَحَدًا


الصفحة التالية
Icon