وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبيِّ... ﴾ الآية.
في سبب نزولها ستة أقوال.
القول الأول : أخرجاه في "الصحيحين" من حديث أنس بن مالك، " أنَّ رسول الله ﷺ لمَّا تزوَّج زينب بنت جحش دعا القوم، فطَعِمُوا ثم جلسوا يتحدَّثون، فأخذ كأنَّه يتهيَّأُ للقيام، فلم يقوموا، فلمَّا رأى ذلك قام وقام مِنَ القوم مَنْ قام، وقعد ثلاثة، فجاء رسول الله ﷺ فدخل فإذا القوم جلوس، فرجع، وإِنَّهم قاموا فانطلقوا، وجئتُ فأخبرت النبيَّ ﷺ أنَّهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبتُ أدخلُ فألقى الحجاب بيني وبينه "، وأنزل الله تعالى هذه الآية.
والثاني : أنَّ ناساً من المؤمنين كانوا يتحيَّنون طعام النبيّ ﷺ فيدخُلون عليه قبل الطعام إِلى أن يُدرِك، ثم يأكلون ولا يخرُجون، فكان رسول الله ﷺ يتأذَّى بهم، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
والثالث : أن عمر بن الخطاب قال : قلت يا رسول الله! إِن نساءك يدخل عليهن البَرُّ والفاجر، فلو أمرتَهُنَّ أن يَحْتَجِبْنَ، فنزلت آية الحجاب، أخرجه البخاري من حديث أنس، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر، كلاهما عن عمر.
والرابع : أنَّ عُمر أمر نساء رسول الله ﷺ بالحجاب، فقالت زينب : يا ابن الخطاب، إِنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا؟! فنزلت الآية، قاله ابن مسعود.
والخامس : أن عمر كان يقول لرسول الله ﷺ : احجب نساءك، فلا يفعل، فخرجت سَوْدَةُ ليلة، فقال عمر : قد عرفناكِ يا سَوْدَة - حرصاً على أن ينزل الحجاب - فنزل الحجاب، رواه عكرمة عن عائشة.


الصفحة التالية
Icon