وكذلك إذا فرغوا منه جلسوا كذلك، فنهى الله المؤمنين عن أمثال ذلك في بيت النبيّ ﷺ، ودخل في النهي سائر المؤمنين، والتزم الناس أدب الله تعالى لهم في ذلك، فمنعهم من الدخول إلا بإذن عند الأكل، لا قبله لانتظار نُضْج الطعام.
الثانية : قوله تعالى :﴿ بُيُوتَ النبي ﴾ دليل على أن البيت للرجل، ويحكم له به، فإن الله تعالى أضافه إليه.
فإن قيل : فقد قال الله تعالى :﴿ واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة إِنَّ الله كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ﴾ قلنا : إضافة البيوت إلى النبيّ ﷺ إضافة مِلك، وإضافة البيوت إلى الأزواج إضافة محل، بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبيّ ﷺ، والإذن إنما يكون للمالك.
الثالثة : واختلف العلماء في بيوت النبيّ ﷺ إذ كان يسكن فيها أهله بعد موته، هل هي ملك لهنّ أم لا على قولين : فقالت طائفة : كانت ملكاً لهنّ، بدليل أنهنّ سكنّ فيها بعد موت النبيّ ﷺ إلى وفاتهنّ، وذلك أن النبيّ ﷺ وهب ذلك لهنَّ في حياته.
الثاني : أن ذلك كان إسكاناً كما يسكن الرجل أهله ولم يكن هبة، وتمادى سكناهنّ بها إلى الموت.
وهذا هو الصحيح، وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر وابن العربيّ وغيرهم، فإن ذلك من مئونتهنّ التي كان رسول الله ﷺ استثناها لهنّ، كما استثنى لهنّ نفقاتهنّ حين قال :" لا تَقْتَسم ورثتي ديناراً ولا درهماً، ما تركت بعد نفقة أهلي ومئونة عاملي فهو صدقة " هكذا قال أهل العلم، قالوا : ويدلّ على ذلك أن مساكنهنّ لم يرثها عنهنّ ورثتهنّ.
قالوا : ولو كان ذلك ملكاً لهنّ كان لا شك قد ورثه عنهنّ ورثتهنّ.


الصفحة التالية
Icon