والإِشارة إلى ما ذكر من إيذاء النبي ﷺ وتزوج أزواجه، أي ذلكم المذكورُ.
والعظيم هنا في الإثم والجريمة بقرينة المقام.
وتقييد العظيم بكونه عند الله للتهويل والتخويف لأنه عظيم في الشناعة.
وعلة كون تزوج أحد المسلمين إحدى نساء النبي ﷺ إثماً عظيماً عند الله، أن الله جعل نساء النبي عليه الصلاة والسلام أمهات للمؤمنين فاقتضى ذلك أن تزوج أحد المسلمين إحداهن له حكم تزوج المرء أمَّه، وذلك إثم عظيم.
واعلم أنه لم يتبين هل التحريم الذي في الآية يختص بالنساء اللاتي بنى بهن رسول الله ﷺ أو هو يعم كل امرأة عقد عليها مثل الكندية التي استعاذت منه فقال لها : الحقي بأهلك، فتزوجها الأشعث بن قيس في زمن عمر بن الخطاب.
ومثل قتيلة بنت قيس الكلبية التي زوّجها أخوها الأشعث بن قيس من رسول الله ﷺ ثم حملها معه إلى حضرموت فتوفي رسول الله قبل قفولهما فتزوجها عكرمة بن أبي جهل وأن أبا بكر همّ بعقابه فقال له عمر : إن رسول الله لم يدخل بها.
والمرويات في هذا الباب ضعيفة.
والذي عندي أن البناء والعقد كانا يكونان مقترنيْن وأن ما يسبق البناء مما يسمونه تزويجاً فإنما هو مراكنة ووعد، ويدل لذلك ما في الصحيح أن رسول الله لما أحضرت إليه الكندية ودخل عليها رسول الله فقال لها : هبي لي نفسك ( أي ليعلم أنها رضيت بما عقد لها وليها ) فقالت : ما كان لملكة أن تهب نفسها لسوقة أعوذ بالله منك.
فقال لها : لقد استعذت بمعاذ.
فذلك ليس بطلاق ولكنه رجوع عن التزوج بها دال على أن العقد لم يقع وأن قول عمر لأبي بكر أو قول من قال لعمر : إن رسول الله لم يدخل بها هو كناية عن العقد.
وعن الشافعي تحريم تزوج من عقد عليها النبي ﷺ ورجع إمام الحرمين والرافعي أن التحريم قاصر على التي دخل بها.