أيضاً : هو ما قدمنا في سورة النور في الكلام على قوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [ النور : ٣١ ]، من أن استقراء القرآن يدل على أن معنى إلا ما ظهر منها الملاءة فوق الثياب، وأنه لا يصح تفسير إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين كما تقدم إيضاحه.
واعلم أن قول من قال : إنه قد قامت قرينة قرآنية على أن قوله تعالى :﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾ [ الأحزاب : ٥٩ ] لا يدخل فيه ستر الوجه، وأن القرينة المذكورة هي قوله تعالى :﴿ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ ﴾ [ الأحزاب : ٥٩ ]، قال وقد دل قوله : أن يعرفن على أنهن سافرات كاشفات عن وجوههن، لأن التي تستر وجهها لا تعرف باطل، وبطلانه واضح، وسياق الآية يمنعه منعاً باتاً لأن قوله :﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾ صريح في منع ذلك.
وإيضاحه : أن الإشارة في قوله :﴿ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ ﴾ راجعة إلى إدنائهن عليهن من جلابيبهن، وإدناؤهن عليهن من جلابيبهن، لا يمكن بحال أن يكون أدنى أن يعرفن بسفورهن، وكشفهن عن وجوههن كما ترى، فإدناء الجلابيب مناف لكون المعرفة معرفة شخصية بالكشف عن الوجوه كما لا يخفى.
وقوله في الآية الكريمة لأزواجك : دليل أيضاً على أن المعرفة المذكورة في الآية، ليست بكشف الوجوهن لأ، احتجابهن لا خلاف فيه بين المسلمين.
والحاصل : أن القول المذكور تدل على بطلانه أدلة متعددة :
الأول : سياق الآية كما أوضحناه آنفاً.
الثاني : قوله : لأزواجك كما أوضحناه أيضاً.