وقال الشيخ الصابونى
﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ﴾
[ ٥ ] من آداب الوليمة
التحليل اللفظي
﴿ يؤذن لكم ﴾ : أي تدعوا إلى تناول الطعام، والأصل أن يتعدى ب ( في ) تقول : أذنت لك في الدخول، ولا تقول أذنت لك إلى الدخول، ولكن اللفظ لما ضمن معنى ( الدعوة ) عدي ب ( إلى ) بدل ( في ) ومعنى الآية : لا تدخلوا بيوت النبي إلا إذا دعيتم إلى تناول الطعام.
قال الزمخشري :( إلا أن يؤذن ) في معنى الظرف تقديره : وقت أن يؤذن لكم.
﴿ ناظرين إناه ﴾ : أي متظرين نصجه، قال في اللسان : وإنى الشيء : بلوغه وإدراكه، وفي التنزيل :﴿ غير ناظرين إناه ﴾ أي غير منتظرين نضجه وإدراكه وبلوغه، تقول : أنى يأني إذا نضج إنى أي نضجا، والإنى بكسر الهمزة والقصر : النضج. فهو على هذا مصدر مضاف إلى الضمير.
ويرى بعض المفسرين أنه ظرف بمعنى ( حين ) وهو مقلوب ( آن ) بمعنى ( حان ) فعلى الأول يكون المعنى : غير منتظرين نضجه، وعلى الثاني يكون المعنى : غير منتظرين وقته أي وقت إدراكه ونضجه، وهما متقاربان.
﴿ فانتشروا ﴾ : أي اخرجوا وفترقوا، يقال انتشر القوم : أي تفرقوا ومنه قوله تعالى :
﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ﴾ [ الجمعة : ١٠ ] أي تفرقوا في الأرض لطلب الرزق والكسب.
﴿ مستأنسين لحديث ﴾ : معنى الاستئناس : طلب الأنس بالحديث لأن السين والتاء للطلب تقول استأنس بالحديث : أي طلب الأنس والطمأنينة والسرور به. وتقول : ما بالدار أنيس، أي ليس بها أحد يؤانسك أو يسليك، وقد كان من عادة الناس أنهم يجلسون بعد الأكل فيتحدثون طويلا، ويأنسون بحديث بعضهم بعضا فعلمهم الله الأدب، وهو أن يتفرقوا بعد تناول الطعام، ولا يثقلوا على أهل البيت، لأن المكث بعده فيه نوع من الإثقال.