قال الفقيه الإمام القاضي : والمعنى أنهن يسلمن لله ولحكمه وكن قبل لا يتسامحن بينهن للغيرة ولا يسلمن للنبي ﷺ أنفة، نحا إلى هذا المعنى ابن زيد وقتادة، وقوله تعالى :﴿ والله يعلم ما في قلوبكم ﴾ خبر عام، والإشارة به هنا إلى ما كان في قلب رسول الله ﷺ من محبة شخص دون شخص، وكذلك يدخل في المعنى أيضاً المؤمنون. وقوله ﴿ حليماً ﴾ صفة تقتضي صفحاً وتأنيساً في هذا المعنى، إذ هي خواطر وفكر لا يملكها الإنسان في الأغلب، واتفقت الروايات على أنه عليه السلام عدل بينهن في القسمة حتى مات ولم يمتثل ما أبيح له ضبطاً لنفسه وأخذاً بالفضل، غير أن سودة وهبت نوبتها لعائشة تقمناً لمسرة رسول الله ﷺ، وقوله تعالى :﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾ قيل كما قدمنا إنها خطرت عليه النساء إلا التسع اللواتي كنَّ عنده، فكأن الآية ليست متصلة بما قبلها، قال ابن عباس وقتادة لما هجرهن رسول الله ﷺ شهراً، وآلى منهن ثم خرج وخيرهن فاخترن الله ورسوله، جازاهن الله بأن حظر عليه النساء غيرهن وقنعه بهن وحظر عليه تبديلهن، ونسخ بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء، وقال أبيّ بن كعب وعكرمة قوله ﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾ أي من بعد الأصناف التي سميت، ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا ﴿ لا يحل لك النساء ﴾ معناه لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات.