ولما نهى سبحانه عن أذاه ـ ﷺ ـ، وحض على إدخال السرور عليه، توعد على أذاه، فقال على طريق الاستئناف أو التعليل، إشارة إلى أن التهاون بشيء من الصلاة والسلام من الأذى، وأكد ذلك إظهاراً لأنه مما يحق له أن يؤكد، وأن يكون لكل من يتكلم به غاية الرغبة في تقريره :﴿إن الذين يؤذون﴾ أي يفعلون فعل المؤذي بارتكاب ما يدل على التهاون من كل ما يخالف ﴿الله﴾ أي الذي لا أعظم منه ولا نعمة عندهم إلا من فضله ﴿ورسوله﴾ أي الذي استحق عليهم بما يخبرهم به عن الله مما ينقذهم به من شقاوة الدارين ويوجب لهم سعادتهما ما لا يقدرون على القيام بشكره بأي أذى كان حتى في التقصير بالصلاة عليه باللسان ﴿لعنهم﴾ أي أبعدهم وطردهم وأبغضهم ﴿الله﴾ أي الذي لا عظيم غيره ﴿في الدنيا﴾ بالحمل على ما يوجب السخط ﴿والآخرة﴾ بإدخال دار الإهانة.
ولما كان الحامل على الأذى الاستهانة قال :﴿وأعد لهم عذاباً مهيناً ﴾.
ولما كان من أعظم أذاه ـ ﷺ ـ أذى من تابعه، وكان الأتباع لكونهم غير معصومين يتصور أن يؤذوا بالحق، قال مقيداً للكلام بما يفهم :﴿والذين يؤذون المؤمنين﴾ أي الراسخين في صفة الإيمان ﴿والمؤمنات﴾ كذلك.
ولما كان الأذى بالكذب أشد في الفساد وأعظم في الأذى قال :﴿بغير ما اكتسبوا﴾ أي بغير شيء واقعوه متعمدين له حتى أباح أذاهم ﴿فقد احتملوا﴾ أي كلفهم أنفسهم أن حملوا ﴿بهتاناً﴾ أي كذباً وفجوراً زائداً على الحد موجباً للخزي في الدنيا، ولما كان من الناس من لا يؤثر فيه العار، وكان الأذى قد يكون بغير القول، قال :﴿وإثماً مبيناً﴾ أي ذنباً ظاهراً جداً موجباً للعذاب في الأخرى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ١٣٢ ـ ١٣٥﴾