ولما كان قد خص النبي ـ ﷺ ـ في أول السورة بالأمر بالتقوى، عم في آخرها بالأمر بها مردفاً لنهيهم بأمر يتضمن الوعيد ليقوى الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه فقال :﴿اتقوا الله﴾ أي صدقوا دعواكم بمخافة من له جميع العظمة فاجعلوا لكم وقاية من سخطه بأن تبذلوا له جميع ما أودعكم من الأمانة ﴿وقولوا﴾ في حق النبي ـ ﷺ ـ في أمر زينب ـ رضى الله عنه ـ ا وغيرها وفي حق بناته ونسائه ـ رضى الله عنه ـ ن وفي حق المؤمنين ونسائهم وغير ذلك ﴿قولاً سديداً﴾ أي قاصداً إلى الحق ذا صواب له ﴿يصلح لكم أعمالكم﴾ أي بأن يدخلكم في العمل الصالح وأنتم لا تعلمون ما ينبغي من كيفيته فيبصركم بها شيئاً فشيئاً ويوفقكم للعمل بما جلاه لكم حتى تكونوا على أتم وجه وأعظمه وأرضاه وأقومه ببركة قلولكم الحق على الوجه الحسن الجميل.
ولما كان الإنسان وإن اجتهد مقصراً، قال مشيراً إلى ذلك حتى لا يزال معترفاً بالعجز :﴿ويغفر لكم ذنوبكم﴾ أي يمحوها عيناً وأثراً فلا يعاقب عليها ولا يعاتب، ولما كان ربما توهم أن هذا خاص بمن آمن، وأن تجديد الإيمان غير نافع، أزال هذا الوهم بقوله :﴿ومن يطع الله﴾ أي الذي لا أعظم منه ﴿ورسوله﴾ أي الذي عظمته من عظمته بأن يجدد لها الطاعة بالإيمان وثمراته في كل وقت، فيكون مؤدياً للأمانة إلى أهلها ﴿فقد فاز﴾ وأكد ذلك بقوله :﴿فوزاً عظيماً﴾ أي ظفراً بجميع مراداته في الدنيا والآخرة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ١٣٩ ـ ١٤٠﴾


الصفحة التالية
Icon