وقال أبو السعود :
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كالذين ءاذَوْاْ موسى ﴾
قيل نزلتْ في شأنِ زيدٍ وزينبَ وما سُمع فيه من قالة النَّاسِ ﴿ فَبرَّأَهُ الله مِمَّا قَالُواْ ﴾ أي فأظهرَ براءتَه عليه الصلاة السَّلامُ ممَّا قالُوا في حقِّه أي من مضمونِه ومؤدَاه الذي هُو الأمرُ المعيبُ، وذلكَ أنَّ قارونَ أغرَى مومسةً على قذفِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بنفسِها بأنْ دفعَ إليها مالاً عظيماً فأظهرَ الله تعالى نزاهتَهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن ذلكَ بأنْ أقرتِ المومسةُ بالمُصانعةِ الجاريةِ بينها وبينَ قارونَ، وفُعلَ بقارونَ ما فُعلَ كما فُصِّل في سُورةِ القصصِ، وقيل أتَّهمه ناسٌ بقتلِ هارونَ عند خروجِه معه إلى الطُّورِ فماتَ هُناك فحملتْهُ الملائكةُ ومرُّوا به حتَّى رأَوه غيرَ مقتولٍ وقيل أحياهُ الله تعالى فأخبرَهم ببراءتِه وقيل : قذفُوه بعيبٍ في بدنِه من برصٍ أو أُدْرةٍ لفرطِ تسترِه حياءِّ فأطلعهم الله تعالى على براءتِه بأنْ فرَّ الحجرُ بثوبِه حينَ وضعَه عليه عند اغتسالِه والقصَّةُ مشهورةٌ ﴿ وَكَانَ عِندَ الله وَجِيهاً ﴾ ذَا قُربةٍ ووجاهةٍ. وقُرىء وكانَ عبدُ اللَّهِ وجيهاً ﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله ﴾ أي في كلِّ ما تأتُون وما تذرُون لا سيَّما في ارتكابِ ما يكرُهه فضلاً عمَّا يُؤذى رسولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿ وَقُولُواْ ﴾ في كلِّ شأنٍ من الشُّؤونِ ﴿ قَوْلاً سَدِيداً ﴾ قاصِداً إلى الحقِّ من سَدَّ يَسِدُّ سَداداً يقال سَدَّدَ السَّهمَ نحوَ الرَّميةِ إذا لم يعدلْ به عن سمتِها والمرادُ نهيُهم عمَّا خاضُوا فيه من حديثِ زينبَ الجائرِ عن العدلِ والقصدِ ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكم ﴾ يُوفقكم للأعمالِ الصَّالحةِ أو يُصلحها بالقَبُولِ والإثابةِ عليها ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ ويجعلُها مكفرةً باستقامتِكم في القولِ والعملِ. ﴿ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ ﴾ في الأوامرِ والنَّواهِي التي مِن جُملتِها هذه التكليفاتُ ﴿ فَقَدْ فَازَ ﴾ في الدَّارينِ ﴿ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ لا يُقادرُ قَدرُه ولا يُبلغ غايتُه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon