والجواب الآخر : أن يكون المعنى إلا وقتاً قليلاً، أي لا يبقون معك إلا مدّة يسيرة، أي لا يجاورونك فيها إلا جواراً قليلاً حتى يهلكوا، فيكون نعتاً لمصدر أو ظرف محذوف.
ودلّ على أن مَن كان معك ساكناً بالمدينة فهو جارٌ.
وقد مضى في "النساء".
الرابعة : قوله تعالى :﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ هذا تمام الكلام عند محمد بن يزيد، وهو منصوب على الحال.
وقال ابن الأنباريّ :"قلِيلاً ملعونِين" وقف حسن.
النحاس : ويجوز أن يكون التمام "إِلاَّ قَلِيلاً" وتنصب "مَلْعُونِينَ" على الشتم.
كما قرأ عيسى بن عمر :﴿ وامرأته حَمَّالَةَ الحطب ﴾.
وقد حكي عن بعض النحويين أنه قال : يكون المعنى أينما ثُقِفوا أخذوا ملعونين.
وهذا خطأ لا يَعمل ما كان مع المجازاة فيما قبله.
وقيل : معنى الآية إن أصرّوا على النفاق لم يكن لهم مقام بالمدينة إلا وهم مطرودون ملعونون.
وقد فعل بهم هذا، فإنه " لما نزلت سورة "براءة" جمعوا، فقال النبيّ ﷺ :"يا فلان قم فاخرج فإنك منافق ويا فلان قم"فقام إخوانهم من المسلمين وتولّوا إخراجهم من المسجد ".
الخامسة : قوله تعالى :﴿ سُنَّةَ الله ﴾ نصب على المصدر ؛ أي سنّ الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويُقتل.
﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً ﴾ أي تحويلاً وتغييراً، حكاه النقّاش.
وقال السدّي : يعني أن من قُتل بحق فلا دِية على قاتله.
المهدَوِيّ : وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات.
والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم، وقد مضى هذا في "آل عمران" وغيرها. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٤ صـ ﴾